کد مطلب:167536 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:280

خطاب الإمام الحسین فی أصحابه
وجمعهم الحسین وقام فیهم خطیباً وقال: أما بعد: فإنی لا أعلم أصحاباً أوفی ولا خیراً من أصحابی ولا أهل بیتٍ أبرّ ولا أوصل ولا أفضل من أهل بیتی، فجزاكم الله جمیعاً عنّی خیراً، فلقد بررتم وعاونتم، ألا: وإنی لا أظن یوماً لنا من هؤلاء الأعداء إلا غداً، ألا: وإنی قد أذنت لكم فانطلقوا جمیعاً فی حلٍّ من بیعتی لیس علیكم منی حرج ولا ذمام، وهذا اللیل قد غشیكم فاتخذوه جملاً، ولیأخذ كلّ رجل منكم بید رجل من أهل بیتی، وتفرّقوا فی سواد هذا اللیل، وذرونی وهؤلاء القوم، فإنهم لا یریدون غیری.

فقال له اخوته و أبناؤه و أبناء عبدالله بن جعفر:و لِمَ نفعل ذلك؟ لنبقی بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبدا، وتكلّم اخوته وجمیع أهل بیته فقالوا: یابن رسول الله: فما یقول لنا الناس وماذا نقول لهم؟ نقول: إنا تركنا شیخنا وكبیرنا وابن بنت نبیّنا لم نرم معه بسهم، ولم نطعن معه برمح، ولم نضرب معه بسیف لا والله یابن رسول الله لا نفارقك أبداً، ولكن نقیك بأنفسنا حتی نقتل بین یدیك ونرد موردك، فقبّح الله العیش بعدك.

ثم قام مسلم بن عوسجة وقال: نحن نخلّیك هكذا وننصرف عنك وقد أحاط بك هذا العدو؟! لا والله لا یرانی الله وأنا أفعل ذلك حتی أكسر فی صدورهم رمحی، وأضاربهم بسیفی ما ثبت قائمه بیدی ولو لم یكن لی سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، ولا أفارقك حتی أموت معك.

وقام سعد بن عبدالله الحنفی فقال: لا والله یابن رسول الله لا نخلّیك أبداً حتی یعلم الله أنا قد حفظنا فیك وصیّة رسوله محمد، ولو علمت أنی أقتل فیك ثم أحیی، ثم أحرق احیاً، ثم أذری ویفعل ذلك بی سبعین مرّة ما فارقتك حتی ألقی حمامی دونك، وكیف لا أفعل ذلك وإنما هی قتلة واحدة، ثم أنال الكرامة التی لا انقضاء لها أبداً؟

ثم قام زهیر بن القین فقال: والله یابن رسول الله لوددت أنی قتلت ثمّ نشرت ألف مرة وإن الله قد دفع القتل عنك وعن هؤلاء الفتیة من اخوتك وولدك وأهل بیتك.

وقام الأصحاب وتكلّموا بما تكلّموا، فلما رأی الحسین ذلك منهم قال لهم: إن كنتم كذلك فارفعوا رؤوسكم وانظروا إلی منازلكم.

فكشف لهم الغطاء ـ بإذن الله ـ ورأوا منازلهم وحورهم وقصورهم، فقال لهم الحسین: یا قوم إنی غداً أقتل وتقتلون كلكم معی، ولا یبقی منكم واحد.

فقالوا: الحمد لله الذی أكرمنا بنصرك، وشرّفنا بالقتل معك، أو لا ترضی أن نكون فی درجتك یابن رسول الله؟

فقال: جزاكم الله خیراً.

فقال له القاسم بن الإمام الحسن المجتبی: وأنا فی یمن یُقتل؟ فاشفق علیه الحسین وقال: یا بنی كیف الموت عندك؟

قال: یا عمّ فیك أحلی من العسل.

فقال الحسین: إی والله ـ فداك عمّك ـ إنك لأحدُ من یقتل من الرجال معی، بعد أن تبلوا بلاءً حسناً، ویقتل ابنی عبدالله.

فقال: یا عمّ ویصلون إلی النساء حتی یقتل وهو رضیع؟

فقال الحسین: أحمله لأدنیه من فمی فیرمیه فاسق فینحره.

ثم قال الحسین: ألا ومن كان فی رَحْلهِ امرأة فلینصرف بها إلی بنی أسد.

فقام علی بن مظاهر وقال: لماذا یا سیدی؟

فقال: إنّ نسائی تُسبی بعد قتلی، وأخاف علی نسائكم من السبی، فمضی علی بن مظاهر إلی خیمته فقامت زوجته واستقبلته وتبسّمت فی وجهه، فقال لها: دَعینی والتبسّم فقالت: یابن مظاهر إنی سمعتُ غریب فاطمة طب فیكم خطبة وسمعت فی آخرها همهمة ودمدمة فما علمتُ ما یقول؟

قال: یا هذه إن الحسین قال لنا: ألا ومن كان فی رحله امرأة فلیذهب بها إلی بنی أسد، لأنی غداً اقتل ونسائی تسبی.

فقالت: وما أنت صانع؟

قال: قومی حتی ألحقك ببنی عمّك. فقامت ونطحت رأسها بعمود الخیمة وقالت: والله ما أنصفتنی یابن مظاهر أیسرّك أن تسبی بنات رسول الله وأنا آمنة من السبی؟ أیسرّك أن یبیّض وجهك عند رسول الله ویسوّد وجهی عند فاطمة الزهراء؟ والله أنتم تواسون الرجال ونحن نواسی النساء. فرجع علی بن مظاهر إلی الحسین وهو یبكی فقال الحسین: ما یبكیك؟ قال: یا سیدی أبتِ الأسدیة إلا مواساتكم، فبكی الحسین وقال: جُزیتم منّا خیراً.